نوقشت في كلية الزراعة – قسم الاقتصاد والإرشاد الزراعي أطروحة دكتوراه للباحث ليث إبراهيم خلف عن اطروحته الموسومة التحليل الاقتصادي والقياسي للاستثمار الزراعي وآثاره المستقبلية على التنمية المستدامة في العراق للمدة (1990-2020)
وبين الباحث من خلال مستخلص اطروحته ان القطـاع الزراعـي يُعد أحد أهم القطاعات الاقتصادية في العراق لكونه القطاع الذي يوفر الغذاء للسكان فضلا عن أهميته الصناعية والتجارية، إذ أولت حكومات الدول المتقدمة أهمية كبيرة جداً له، واستثمرت فيه مئات المليارات من الدولارات لغرض تنميته وبناء البنى التحتية الخاصة به، فضلاً عن إنشاء المراكز البحثيـة الزراعيـة المتخصصـة. أما فـي العـراق فان القطاع الزراعي يعاني من حزمة من التحديات التي تتطلـب من الدولـة التدخـل والدعم المباشـر وغير المباشـر، المالي والمعلوماتـي والتكنولوجـي وتوجيـه المزيد من الاستِثمارات لغرض تنميته وحل تلك التحديات. وقد شهدت الاستِثمارات المباشرة في هذا القطاع تراجعاً كبيراً بسبب جملة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وإتباع سياسة اقتصادية خاطئة، فضلاً عن الأسباب الأمنية والفساد الإداري والمالي، مما أدى الى تدهور الإنتاج وانخفاض نسبة مساهمتـه فـي الناتـج المحلـي والإجمالـي، وأصبح العراق يعتمـد علـى الأسواق العالميـة في توفيـر أمنـه الغذائـي وبنسب عالية جداً مما يشكل تهديد للأمن الغذائي والذي ينعكس على الأمن الاقتصادي ومن ثم الأمن القومي.
تمثلت مشكلة الدراسة بتمتع القطاع الزراعي العِراقي بالعديد من المقومات والإمكانات التي تشجع على الاستثمار، إلا انه يعاني من تدني الاستِثمارات الموجهة إليه. وهذه الاستِثمارات المنخفضة لا تتناسب وأهمية هذا القطاع مما ينعكس سلباً على معدلات التنمية الزراعية وانخفاض قدرة القطاع الزراعي على زيادة معدلات الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية، الأمر الذي يتطلب ضرورة الإسراع بضخ الاستِثمارات اللازمة للقطاع الزراعي بما يساعد على زيادة وإنتاجه .
هدفـت الدراسـة إلـى التعـرف علـى أهميـة الاستِثمارات في القطاع الزراعي في العراق، واهم العوامل المحددة لهذه الاستِثمارات خلال المدة (2020-1990). وكذلك معرفة أثر هذه الاستِثمارات في التنمية المستدامة في العراق خلال نفس المدة.
استندت الدراسة على فرضيتين رئيستين مفادهما أن هناك علاقة توازنية في الأجل البعيد بين بعض متغيرات الاقتصاد الكلي وكل من الاستثمار الزراعي والتنمية المستدامة.
ولغرض اختبار فرضيات الدراسة، فقد تم الاعتماد على منهجين كان الوصفي في بيان تطور كل متغير من متغيرات الدراسة خلال المدة (1990-2020) وحساب بعض المقاييس الإحصائية الوصفية. وفي الجانب القياسي للدراسة، تـم اسـتخدام المنهـج التحليلـي الاستدلالي القائم على تقدير النماذج القياسية واختبار الفرضيات الإحصائية التي تبين مدى كفاءة وجودة هذه النماذج في تمثيلها للتأثيرات والعلاقات المتبادلة بين كل من الاستثمار الزراعي والتنمية المستدامة وبين بعض متغيرات الاقتصاد الكلي. إذ تم تحليل البيانات وتقدير النماذج القياسية ومعادلات الاتجاه الخطية واللا خطية باستخدام البرنامجين Eivews-12 و SPSS-27.
ومن أهم ما توصلت إليه الدراسة هو أنه على الرغم من تحقيق الاستِثمارات الزراعية معدلات نمو موجبة، ولكن من غير الواضح أن هذه الزيادات أثرت إيجاباً في تطوير القطاع الزراعي العِراقي، وذلك نتيجة لارتفاع معدلات التضخم، وظهور الآثار التضخمية في معدلات النمو هذه. وضعف مستويات التنمية المستدامة في العراق وقد يعود السبب في ذلك إلى الفشل في مواكبة معظم مؤشرات التنمية مع الزيادة السكانية، فضلاً عن الظروف السياسية والأمنية غير المستقرة التي واجهها العراق. مع وجود علاقة توازنية بين الاستثمار في القطاع الزراعي ومتغيرات الاقتصاد الكلي، والتي اختلفت في تأثيرها بين الأجلين القصير والطويل. إذ أشارت النتائج إلى أن معدل سعر صرف الدولار هو أكثر المتغيرات تأثيراً في الاستثمار الزراعي في الآجلين القصير والطويل، وتؤثر القروض الزراعية إيجابا في الاستثمار الزراعي في الأجل الطويل، وأظهر عجز الموازنة تأثيراً ضعيفاً عكسياً في الاستثمار الزراعي في الآجل الطويل فقط، في حين أن التخصيصات الاستِثمارية لها تأثير موجب في الاستثمار الزراعي في الآجل الطويل، بينما لم يستجب الاستثمار الزراعي إلى أية تغييرات في معدل التضخم في الآجلين القصير والطويل على حد سواء. وكذلك وجود علاقة توازنية بين التنمية المستدامة في القطـاع الزراعـي وكـل مـن الاستثمار الزراعي المقدر، تراكم رأس المال الزراعي، معدل نمو الناتج الزراعي، متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي، حجم السكان ومعدل البطالة، والتي اختلفت في تأثيرها بين الأجلين القصير والطويل.
وعلى ضـوء النتائـج التـي تم التوصـل إليهـا، فقد أوصت الدراسـة بجملة أمور، لعل أهمها: ضرورة زيادة الدعـم الحكومـي للقطـاع الزراعـي من خلال إنشاء وإقامـة مشاريـع البنية التحتية للقطـاع، وزيادة التخصيصات المقدمة للقطاع الزراعي في الموازنة العامة للدولة. وكذلك تشجيع الاستِثمارات الزراعية وتذليل العقبات أمام الاستِثمارات المستهدفة للنهوض بالقطاع الزراعي، وخاصة الاستثمار في استصلاح الأراضي الزراعية، وتشجيع العاملين الزراعيين على الاستمرار في عملهم، ومنع الهجرة والانتقال إلى وظائف أخرى. فضلاً عن الاهتمـام بخلـق المنــاخ الاســتثماري الملائــم لاســتقطاب الأمـوال المحلية والأجنبية علـى حـد سـواء، وتوظيفهـا في القطــاع الزراعــي بهـدف إحــداث تغيــرات هيكليــة فيـه.
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
809 | 244 | 8 | 896 |